محمد مشالي طبيب الفقراء أو كما يعرف أيضًا بطبيب الغلابة
تخرج من كلية الطب عام 1967م ونال المركز الاول على دفعته بنسبة 99.3%
الطبيب محمد مشالي يعالج الفقراء منذ اكثر من 50 سنة مجانا في عيادته المتواضعة في طنطا, بل ويقوم ايضًا باعطاء المال للمرضى لشراء الدواء, ولا يأخذ سوى 10 جنيهات (ما يعادل أقل من دولار واحد) مقابل الكشف عن المرضى القادرين مادياً.
يصطف مئات المرضى يوميا امام عيادته المتواضعة ويعمل الدكتور محمد مشالى 10 ساعات يوميًا, من الساعة التاسعة صباحا وحتى الساعة السابعة مساءا ليعالج أكبر عدد من الناس .
محمد مشالي لم يكن يملك سيارة ولا حتى هاتف خلوي,
كان يسير من منزله الى العيادة سيرا على الاقدام رغم ان عمره بلغ 80 عاما.
عندما سمع أحد اثرياء الخليج عن قصته تبرع له بـ 20 ألف دولار و اهداه سيارة رأفتا بحاله, لكن بعد سنة اكتشف فاعل الخير عند عودته لمصر ان محمد وزع المال على مرضاه الفقراء وباع السيارة ليشترى اجهزة تحاليل ليحلل لمرضاه مجانا
يقول محمد مشالي: أكتشفت بعد تخرجي ان ابي ضحى بتكاليف علاجه ليجعل مني طبيباً, فعاهدت الله ألا اخذ قرش واحد من فقير او معدوم.
كتب احدهم في الطبيب محمد مشالي:
ماذا تعني الحياة؟ ماذا يعني ٦٠ أو ٧٠ عاماً يزيدون أو ينقصون ستقضيها في هذا الكوكب؟ هل تكفي؟ وماذا يمكن أن يصنع المرء في هذه المدة القصيرة جداً؟ وهل هناك طريقة طبية علمية لاستنساخ الحياة فيعيش الإنسان حيوات عديدة؟
تساءلتُ دوماً عن هذا السر في وجودنا في الحياة، وكيف يمكن للإنسان أن يصنع لنفسه قيمة حقيقية، في أن يترك أثراً للقادمين من خلفه يدل على وجوده. كان هذا التفكير يسيطر عليّ دائماً، وأفكر في أولئك الذين قدموا للحياة ثم رحلوا دون أن يعبأ بهم أحد أو يفتقدهم أحد.
حاولت أن لا أبكي حين قرأت خبر وفاة الدكتور محمد مشالي، طبيب الغلابة، لكني وجدت أنها دموع فرحة، إذ كيف سخر الله لهذا الطبيب ملاييناً تعرف عمله الخيّر وكشفيته المتواضعة ومساعدته للغلابة، ثم سخرهم ليترحموا عليه جميعاً بكل هذا الحب وكل هذا العرفان.
سبق هذه الوفاة وفاةُ الدكتور أحمد خالد توفيق قبل سنتين،
كان المشهد على قبر الدكتور مهيباً، عشرات الآلاف من كل محافظات مصر، بل مِن خارج مصر مَن جاءها خصيصاً للمشاركة في جنازته أو زيارة قبره، وهو الذي تمنى قبل ٢٥ عاماً أن يُكتب على شاهد قبره (جعل الشباب يقرأون)؛ وقد كان له ذلك.
كتب الشباب على قبره، واعترفوا أنه جعلهم يقرأون، وأنا من الممتنين للدكتور رحمه الله بقراءتي لروايات مصرية للجيب التي كان يكتبها وكان والدي حفظه الله يشتريها من مكتبة الرائد وسط مخيم البريج بقطاع غزة منتصف التسعينات.
خالطني حين علمت خبر وفاة الدكتور أحمد خالد توفيق ذات الشعور الذي يخالطني اليوم بوفاة الدكتور محمد مشالي: هل حين أرحل سأجد آلافاً بل ملاييناً يدعون لي ويعترفون بأني كنت عامل تأثير حقيقي في حياتهم؟ بأني كنت نقطة جوهرية في حياتهم؟
وهذا أملي ورجائي من الله أن أحيا بذات الشغف الذي سيوصلني للتأثير في حياة الكثيرين، رغم قصر العمر، وضيق وقت الرحلة على هذا الكوكب، لكني أرجو أن أعيش آلاف الحيوات الأخرى في صدر كل منكم، وممن سيأتي دون أن يراني ولكنه سيسترشد بما سأتركه.
الحياة فرصة ممتنٌ لله أن منحني إياها، وأرجو فيها أن أنال أجر من أحيا نفساً واحدة، وهي عند الله كمن أحيا الناس جميعاً، وإني قد عاهدت الله أن لا ينطفأ الشغف في صدري، وأن لا تفتر همتي، وأن لا أبرح حتى أبلغ، فإن الله ما خلقك إلا لرسالة ودور، ومهمتك أن تكتشف هذا الدور وتؤديه قدر ما تستطيع. تلك هي قيمة عمرك القصير وحياتك البسيطة، حين تتحول إلى حياة عظيمة وعمر طويل جداً.
ولعله طلبٌ صغير حال فارقتم صاحب هذه الكلمات أن تجعلوا لحياتي آلاف النسخ التي سأكون سعيداً بها جداً، أكثر من سعادتي بنصوص الرثاء، وأن تكتبوا على شاهد قبري (لقد دق جدار الخزان).
رحم الله الدكتور محمد مشالى وجزاه الله عن كل الغلابة كل الخير، وأحسبك قد نجحت في الاختبار أخيراً، والله حسيبك.
" كن إنساناً قبل أن تكون أي شيء"
إرسال تعليق